- الأوسمة
- 5
sm/2.gif
سيداتي سادتي،
إنه لمن دواعي سروري أن أكون بينكم لأساهم في الآراء التي تدور حول الأزمة المالية والحلول التي يمكن الوصول إليها للتغلب على الأزمة عينها. من المبكر جدا أن نستخلص دروسا نهائية من الأحداث الأخيرة في الأسواق المالية، ومع ذلك، فمن الهام الشروع في التفكير مليا بشأن تجربة الأشهر القليلة الماضية، وحتى في فترات التوتر أكثر من تلك الفترات العادية، يجب أن يدعم العمل والتفكير بعضهما البعض إذ كان في وقت إدارة الأزمة بالذات أن أسسنا دعائم النظام المالي المستقبلي.
2. بعد الذي قلته، أقترح أن أناقش معكم موضوعين رئيسين:
- طبيعة الأزمة الحالية.
- السياسات التي تم وضعها لمواجهة الأزمة من منظور القطاعين العمومي والخاص.
طبيعة الأزمة:
3. ظهرت الأزمة أول ما ظهرت كأزمة سيولة، ولاحت أولى العوارض في بداية أغسطس (آب) 2007 عندما طفت على السطح تقطعات خطيرة بالأسواق بين المصارف في العالم الغربي. وبعد مرور أكثر من عام، مازالت التوترات على الأسواق المالية سائدة. لقد شهدت السنين الأخيرة مستويات غير عادية من الهوامش وتخفيض استحقاقات الأجل والتقلص وحتى إقفال بعض أقسام السوق. ومن خلال الانتشار هذا، أثرت هذه التوترات على الشركات غير المالية وتمويل الاقتصاد بشكل أكثر اتساعا. لقد انتشرت أيضا لتطفو اقتصاديات سوق إلى السطح لم تكن إلى غاية خريف 2008 متأثرة بالأزمة على نطاق واسع.
4. لقد ظهرت الأزمة أيضا كأزمة وضع الضمانات. وتعتبر وسيلة الضمانات أقدم تقنية ناجحة مستخدمة لدعم سلسلة من القروض. وما كان جديدا بشأن هذه الضمانات هو استخدامها بصورة واسعة في بنيات مالية متقلبة وتمثلت هذه الأخيرة في تمويل أصول غير سائلة ومعقدة قصيرة الأجل والتي أثبت قيمتها بأنها غير مؤكدة وطارئة تبعا للنماذج. إن عدم استقرار مثل تلك البنيات كان محجوبا. وفعلا، سمحت الأموال الرخيصة إعادة تمويل سهل لدين يتعلق بنوعية ضعيفة وأصول ذات قيمة مشكوك فيها كما قوى التسعير التفضيلي وتعزيزات الديون بشكل مصطنع نوعية القروض التي تغطي المنتجات المنظمة. إن ارتفاع العجز بشأن تلك القروض وأولها الرهون الأساسية قد هدد بسلسلة من ردود الفعل التي مازالت نتائجها معروضة إلى الآن، وأثبتت حماية الديون أوهاما كما نفذت السيولة بشكل أسرع مما كان يبدو. أما وكالات التسعير فقد خفضت بصورة واسعة وعلى نحو مفاجئ وحاسم المنتجات التي اعتبرت لوقت طويل ذات جودة عالية جدا.
5. إن موت سلسلة الضمانات الجديدة قد سلط الضوء على حقيقتين أساسيتين، أما الأولى فبعيدا عن كون مخاطر القرض قد انتشرت عبر النظام بأكمله، فقد تركزت على نحو ضمني وصريح في يد مؤسسات محددة وفي المقام الأول بين تلك التي تمثل بنوك الاستثمار الرئيسة. وهكذا، أيقظت موجات متتابعة من استهلاك المنتجات المنظمة المفروضة من قواعد الحسابات مع هذه الاستهلاكات شكوكا بشأن مخاطر أطراف معاكسة والملاءة وقيود السيولة وانخفاضات أخرى في أسعار الأصول. وأما الحقيقة الثانية، فهي أن الابتكار المالي الأخير قد ساعد أساسا في زيادة الرافعة المالية في النظام والعلامات بشأن هذا الأمر عديدة. أصبحت الميزانية العمومية للبنوك أكثر اتساعا وتولدت الناقلات خارج الميزانية العمومية دون أية حقوق ملكية. ولقد ضمن مؤمنون أحاديو الخط حجما من المنتجات المنظمة التي كانت تفوق مركز الأصول الذي تتحمله. وكما تعلمون، تعمل الرافعة المالية بطريقتين: إنها تضخم الأرباح كما تضخم الخسائر. وتأخذ الأرباح المضخمة شكل ارتفاع ملكية الولايات المتحدة الأمريكية أما الخسائر المضخمة فنحن التي نعاني حاليا منها. يتم التفكير في عملية تخفيض الرافعة المالية الجارية حيث أن بدايتها هي معاناة المؤسسات المالية غير القادرة على رفع رأس المال من استهلاك جد هام يجعلها تصل إلى حد الفشل.
6. إزاء ما قيل، ماذا عن البنوك الفرنسية؟. بالطبع، ليست البنوك الفرنسية محصنة ضد الأزمة إذ أن التعرض المباشر وغير المباشر يشمل في طياته أصولا سامة مما يجعلها هي الأخرى تسجل تخفيضات هامة أحيانا. يحدث نقص السيولة ضررا كما أن تقطعات السوق الممتدة قد رفعت من تكاليف إعادة التمويل، مما يعني أن بنوكنا قوية وذات سمعة ومازالت تبدي معدلات ملاءة أعلى من المتطلبات التعقلية الدنيا. وعموما، تظل مربحة. ليس هذا بالحد الأدنى لأنها تستفيد من مصادر عائد منظمة. إنها بنوك عالمية حيث أنها أقل عرضة للتأثر بشروط سوق الأموال. وتعتبر مصادر الربح الدائرة والقوية أصولا هامة على نقطة اتصال حالية. وفي هذا السياق، يمكن للبنوك الفرنسية أن تؤدي دورا فعالا في إعادة الهيكلة الحالية للقطاع المالي الدولي. ومع اعتبار كل الأمور، وتجاوزا أحيانا للتوترات والحوادث، تحصد البنوك الفرنسية الآن مكاسب من التقدمات الأساسية في الإنتاجية والابتكار الذين حققتهما خلال العقدين الأخيرين.
سياسة القطاع العام خلال الأزمة من منظور القطاعين العام والخاص
7. شهدت الأشهر الماضية تغييرا ملحوظا في سياسة القطاع العمومي حيث استعدت في المرحلة الأولى حصريا لتوفير السيولة إلى الوسائط المالية وينوي التدخل العمومي منذ آخر انخفاض أيضا دعم تمويل البنوك والأموال الخاصة، وهذا تغيير هام.
8. لا نحتاج إلى القول بأن استعادة السيولة يظل أولوية ملحة. بينت أسواق بين المصارف علامات تحسن تدريجية. ومع ذلك، مازلنا لم نصل إلى غايتا، ولبلوغها، حشدت البنوك المركزية ذخيرة معتبرة. وعرفت العملية التي نمضي فيها عبر العام أوجها في البنوك المركزية التي عدلت إطار العمل التشغيلي في مجالات عديدة. إن استحقاق أجل وعملة تسهيلاتها توسعت كما امتدت سلسلة الأطراف الأخرى المؤهلة. تغيرت إجراءات المناقصات بغرض ضمان قيم غير محددة من أموال البنك المركزي. إن قائمة الضمانات لإعادة التمويل قد توسعت، ووفقا للنظام الأوروبي فهذه البنوك توفر سيولة بسعر محدد مقابل مبلغ غير محدد. ويضمن التنسيق الدولي المعزز بين الهيئات النقدية بأن أعمالها جزء من الاستراتيجية العامة الثابتة. إن هذه الإجراءات الاستثنائية بصورة كبيرة من خلال تسهيل نقدي جديد فعلي تدفع بأسعار سياسة هامة تاريخيا إلى مستويات متدنية وتبني إجراءات سياسة نقدية تقليدية في بعض الحالات. إنهم يساهمون بذلك وبشكل كبير في استرجاع الثقة والتوظيف المستوي لأسواق الأموال.
9. تحركت الحكومات بحزم لدعم ملاءة ومرونة البنوك حيث أن تصريح باريس الذي وضعته بلدان أعضاء المنطقة الأوروبية وأوروبا تحت زعامة فرنسا إلى غاية نهاية السنة كان يعمل وفقا لما اعتبر خطة عمل قوية وصلبة. لن أدخل في التفاصيل وسأذكر العناصر التالية الثلاث، أما العنصر الأول، فإن الهيئات توسع الضمانات لإعادة تمويل البنوك لكي تستطيع بدورها أن تمول بشكل لائق الاقتصاد، وأما الثاني فتجري حاليا إصلاحات هامة على قواعد الحسابات وتسمح هذه الإصلاحات أساسا للبنوك بتحويل الوثائق التي دلت سابقا على الأسواق إلى محافظ أوراق مالية حيث لن تكون الحالة كذلك لفترة أطول. إن هذه الإصلاحات توفر مرونة أكبر في المناهج المستخدمة بالنسبة إلى قيمة الأصول التي جمدتها السوق، وأما العنصر الثالث والأخير فقد أكدت الحكومات إرادتها حين تكون مضمونة، في المضي قدما نحو دعم رؤوس أموال البنوك.
10. ماذا عن أعمال فرنسا؟ قامت الحكومة والبرلمان بتجسيد المبادئ الأوروبية، وتم تبني مشروع قرار جديد يزود بأمرين أولهما تخصيص أموال قدرها 320 بليون يورو لضمان إعادة تحويل البنوك متوسطة الأجل (أي التي تصل إلى 5 سنوات)، ويشرف على هذا الناقل النقدي الحكومة الفرنسية وبنك فرنسا. ويمنح هذا الضمان مقابل أتعاب حيث يستطيع المستفيدون دفع التكاليف الموافقة لظروف السوق العادية وبغرض حماية فوائد دافعي الضرائب أيضا. وثانيهما أن القانون قد أنشأ شركة تملكها الدولة ومدعومة بمبلغ 21 بليون يورو والتي تتمتع بحق الاكتتاب في إصدار قروض تابعة أو أسهم تفضيلية في البنوك. وكما تعلمون، قامت 6 بنوك بإصدار قروض تابعة وقامت الحكومة بالاكتتاب في هذه الإصدارات مقابل 10.5 بليون يورو. وقد رفع مثل ذلك الدعم مركز رأس المال ونتيجة لذلك، أمن لتلك البنوك حفاظها على منح القروض لتطوير الاقتصاد.
11. هل تحتاج البنوك الفرنسية فعلا إلى مثل ذلك الدفع لملاءتها ورأسمالها؟ وقوفا عند البنك البلجيكي الفرنسي وديكسيا، جوابنا هو "ليس بالفعل". كانت ديكسيا جد محددة: بسبب تعرضها الواسع إلى مخاطر الولايات المتحدة الأمريكية الأحادية الخط، كان تغيير رأس المال ضروريا بشكل مطلق. وبخلاف ذلك، تملك كل البنوك الفرنسية أموالا خاصة كافية سواء في نطاق المتطلبات التعقلية أو مقارنة بأندادها من البلدان المتطورة الأخرى. لا يهدف تغيير رأس المال إلى تصليح الأخطاء ونقاط الضعف بل بالأحرى إلى استباق المشاكل المحتملة. إن الظروف فعلا استثنائية وحتى البنوك الأكثر قوة وانتفاعا لا تستطيع أن تعتبر القدرة على ضرب الأسواق لتلبية حاجات رؤوس الأموال أمرا مقبولا. وطالما يتغلب هذا الشك وتستمر الأسواق في الفشل فإنه من الواجب على السلطات حماية نظام القروض وضمان تمويل الاقتصاد.
12. استراتيجيات القطاع الخاص للتغلب على الأزمة يغطي عدة جوانب
أولا، أود أن أنوه بمبادرة خلق مشروع تعويض مع طرف ثالث أساسي فيما يتعلق بتسهيلات عدم القدرة على الدفع. إن هذه المبادرة من القطاع الخاص تنال التشجيع القوي من السلطات نظرا لأهميتها في الاستقرار المالي. وفيما يخص المؤسسات نفسها، توجد اقتراحات كثيرة قيد المناقشة والتي تتعلق بنموذج تجارتها وحجم المخاطرة ومشاريع إدارة المخاطر والتوجيه وسياسة الاتصال والنشر.
13. في نطاق حجم المخاطرة، يناقش نموذجين أساسيين بقوة. وفي ظل النموذج الأول، كانت البنوك العالمية التي تستفيد من المصادر المتعددة للأرباح أكثر غنى خلال الأزمة. وخلافا لذلك، كانت مؤسسات مالية مختصة لاسيما تلك التي تورطت في نشاطات استثمارية تعاني من خسائر هامة. لقد سبق وأن أشرت إلى أمر البنوك الفرنسية. وبالمزاج نفسه، نشأت فائدة البنك الألماني عن بوست بنك بألمانيا من المنطق نفسه: من أجل تنويع مصادر التمويل والربح. أما النموذج الثاني قيد النظر فيركز على نشاطات تجارية أساسية مختارة لاسيما لتخفيض التنويع في الأسواق التي قد ثبت أن المعرفة الداخلية والقدرة فيها غير كافية فيما يتعلق بالمخاطر المتورط فيها. إن التحرك باتجاه هذا النموذج الأكثر تركيزا يساهم في عملية التخفيض من الرافعة، الشيء الذي تحتاجه بعمق كثير من المؤسسات. وحالة سيتيبنك الذي هو على حافة بيع سالومون سميث بارني يوضح وجهة النظر هذه.
14. أخذا بالاعتبار إدارة المخاطرة والتوجيه، ثمة حاجة إلى تحسينات أساسية وأعتقد بأنها جارية. أكيد بأن التنظيم يحتاج إلى تعديلات كما يقتضى وجهة نظر مالية كبرى من أجل تجنب خلل في الترتيب الزمني مثلا.
مع ذلك، تقع المسؤولية الأولى على المؤسسات المالية نفسها التي لم تطور تدقيقا كافيا في تحليل المخاطر حيث ركزت كثيرا على الأرباح قصيرة الأجل ولم تدمج تكاليف قسط المخاطر والسيولة وفي بعض الظروف، لم تفهم تماما العواقب المحتملة المالية لتصرفها.
وبالتالي، ثمة حاجة إلى تحسين قوي في نطاق إدارة المخاطرة والتوجيه على أعلى مستويات المؤسسات المالية.
15. في نطاق سياسة النشر والاتصال، بينت الأزمة أهمية الشفافية. وقد بذلت المؤسسات المالية جهودا كبيرة في هذا الصدد في الأشهر الأخيرة. وعليهم الاستمرار في ذلك. أما الحكومات فعليها أن تضبط التقدم بشأن هذا الأمر.
16. ستساعد تحسينات استراتيجية القطاعين العام والخاص على التغلب على الأزمة المالية. وخارج هذا الإطار، يوجد اتفاق متنام يدور حول الحاجة إلى مراجعة أساسية لأساسات التنظيم المالي. وأدخل قادة دول مجموعة 20 تغييرات بهذا الأمر كما وضعوا مبادئ لهذا الغرض. فضلا عن ذلك فقد أثارت الأزمة من جديد مسائل تتعلق ببنية الإشراف.
وكما تعلمون، وبتحفيز من الرئيس الفرنسي، ثمة جهود جبارة يتم بذلها بشأن ما تم تسميته بمصطلح "مخاطر برتون الجديدة". وبعيدا عن هذه الكلمات الغامضة، أعتقد تماما بأنه من المفيد النظر بقوة في التنظيم المالي الحالي. وكمساهمة في هذا النقاش، أود أن أضيف ملاحظتين نهائيتين. تتعلق إحداهما بتقلبات الأنظمة المالية أما الثانية فتخص مسائل الإشراف المالي الأخرى.
17. إن الأنظمة المالية التي تعمل في سياق اقتصاد السوق المتطورة هي في طبيعتها خاضعة إلى قوى دورية. بعضها تعتبر نتيجة الدورة التجارية، ونشاط الديون مثال واضح على ذلك بما أن طلب القروض يتأثر كثيرا بالنشاط الاقتصادي. وبعضها الآخر ناجم عن الأنظمة الاقتصادية في حد ذاتها. مثلا، مركز رأسمال المؤسسات المالية وبالتوازي مع أسعار الأصول لاسيما في عالم خال من العيوب حيث التقلبات تنتج عن الأرباح أو الخسائر في رؤوس الأموال.
18. إن التحدي بالنسبة للسلطات يتمثل في تقدير أي ومتى وإلى أي حد تعزز التنظيمات هذه الديناميكيات وتؤثر في النظام المالي برمته. وبهذه الأسئلة التي تدور في عقولنا، يتم العمل لفحص تأثير المعايير الحذرة. وكان على هذا الأساس أيضا أن تمت تعديلات الحسابات التي ذكرتها سابقا. إن الحاجة لتطوير سياسة "تعقلية كبرى" هي الآن قيد النقاش. إن المبدأ العام واضح المعالم: إذ يتمثل في ضمان بأن الإشراف يعمل على تحديد المخاطر ليس فقط بالنسبة إلى استقرار مؤسسة خاصة ولكن لاستقرار النظام المالي بأسره.إلا أن وضعه ليس بالأمر البسيط. وحاليا، نحن في المرحلة التمهيدية فقط حيث نتمعن في الأدوات التي يمكن أن تقوم عليها سياسة تعقلية كبرى وكيف لهذه الأدوات أن تستخدم.
19. وفيما يتعلق بالإشراف، بينت الأزمة منافع وجود مشرف مصرفي قريب من البنك المركزي. إن الأمر ليس الادعاء بوجود بنية إشرافية مثلى تناسب ظروف أي بلد. وبالأحرى، لا بد من التنويه بأن النظام مثل ذلك الموجود في فرنسا قد تبينت فائدته في السماح بالمعرفة العميقة للقطاع المصرفي والمؤسسات المالية المختلفة. ولقد سمح أيضا بتبادل معلومات حينية وسريعة ونتيجة لذلك، سمح لنا في البنك المركزي باتخاذ أحكام دقيقة بشكل سريع ليست أقل من نفعية إدخال السيولة.
20. ولأختم مداخلتي بالتأكيد على ما يبدو واضحا. إننا نمضي نحو أوقات تحد بل وفي بعض النواحي أوقات لم يسبق إلى مثلها. وفي هذا الصدد، يتعلق وضع السياسة أيضا ببناء الثقة والتربية المالية.
21. أشكركم جزيل الشكر سيداتي سادتي.
منقول للأمانة
الأزمة المالية العالمية
الاستراتيجيات العامة والخاصة للتغلب على الأزمة
كريستيان نوايي
مدير بنك فرنسا
باريس - أوروبلاس
زيارة إلى البحرين وقطر وأبوظبي ودبي
يناير (كانون الثاني) 2009
سيداتي سادتي،
إنه لمن دواعي سروري أن أكون بينكم لأساهم في الآراء التي تدور حول الأزمة المالية والحلول التي يمكن الوصول إليها للتغلب على الأزمة عينها. من المبكر جدا أن نستخلص دروسا نهائية من الأحداث الأخيرة في الأسواق المالية، ومع ذلك، فمن الهام الشروع في التفكير مليا بشأن تجربة الأشهر القليلة الماضية، وحتى في فترات التوتر أكثر من تلك الفترات العادية، يجب أن يدعم العمل والتفكير بعضهما البعض إذ كان في وقت إدارة الأزمة بالذات أن أسسنا دعائم النظام المالي المستقبلي.
2. بعد الذي قلته، أقترح أن أناقش معكم موضوعين رئيسين:
- طبيعة الأزمة الحالية.
- السياسات التي تم وضعها لمواجهة الأزمة من منظور القطاعين العمومي والخاص.
طبيعة الأزمة:
3. ظهرت الأزمة أول ما ظهرت كأزمة سيولة، ولاحت أولى العوارض في بداية أغسطس (آب) 2007 عندما طفت على السطح تقطعات خطيرة بالأسواق بين المصارف في العالم الغربي. وبعد مرور أكثر من عام، مازالت التوترات على الأسواق المالية سائدة. لقد شهدت السنين الأخيرة مستويات غير عادية من الهوامش وتخفيض استحقاقات الأجل والتقلص وحتى إقفال بعض أقسام السوق. ومن خلال الانتشار هذا، أثرت هذه التوترات على الشركات غير المالية وتمويل الاقتصاد بشكل أكثر اتساعا. لقد انتشرت أيضا لتطفو اقتصاديات سوق إلى السطح لم تكن إلى غاية خريف 2008 متأثرة بالأزمة على نطاق واسع.
4. لقد ظهرت الأزمة أيضا كأزمة وضع الضمانات. وتعتبر وسيلة الضمانات أقدم تقنية ناجحة مستخدمة لدعم سلسلة من القروض. وما كان جديدا بشأن هذه الضمانات هو استخدامها بصورة واسعة في بنيات مالية متقلبة وتمثلت هذه الأخيرة في تمويل أصول غير سائلة ومعقدة قصيرة الأجل والتي أثبت قيمتها بأنها غير مؤكدة وطارئة تبعا للنماذج. إن عدم استقرار مثل تلك البنيات كان محجوبا. وفعلا، سمحت الأموال الرخيصة إعادة تمويل سهل لدين يتعلق بنوعية ضعيفة وأصول ذات قيمة مشكوك فيها كما قوى التسعير التفضيلي وتعزيزات الديون بشكل مصطنع نوعية القروض التي تغطي المنتجات المنظمة. إن ارتفاع العجز بشأن تلك القروض وأولها الرهون الأساسية قد هدد بسلسلة من ردود الفعل التي مازالت نتائجها معروضة إلى الآن، وأثبتت حماية الديون أوهاما كما نفذت السيولة بشكل أسرع مما كان يبدو. أما وكالات التسعير فقد خفضت بصورة واسعة وعلى نحو مفاجئ وحاسم المنتجات التي اعتبرت لوقت طويل ذات جودة عالية جدا.
5. إن موت سلسلة الضمانات الجديدة قد سلط الضوء على حقيقتين أساسيتين، أما الأولى فبعيدا عن كون مخاطر القرض قد انتشرت عبر النظام بأكمله، فقد تركزت على نحو ضمني وصريح في يد مؤسسات محددة وفي المقام الأول بين تلك التي تمثل بنوك الاستثمار الرئيسة. وهكذا، أيقظت موجات متتابعة من استهلاك المنتجات المنظمة المفروضة من قواعد الحسابات مع هذه الاستهلاكات شكوكا بشأن مخاطر أطراف معاكسة والملاءة وقيود السيولة وانخفاضات أخرى في أسعار الأصول. وأما الحقيقة الثانية، فهي أن الابتكار المالي الأخير قد ساعد أساسا في زيادة الرافعة المالية في النظام والعلامات بشأن هذا الأمر عديدة. أصبحت الميزانية العمومية للبنوك أكثر اتساعا وتولدت الناقلات خارج الميزانية العمومية دون أية حقوق ملكية. ولقد ضمن مؤمنون أحاديو الخط حجما من المنتجات المنظمة التي كانت تفوق مركز الأصول الذي تتحمله. وكما تعلمون، تعمل الرافعة المالية بطريقتين: إنها تضخم الأرباح كما تضخم الخسائر. وتأخذ الأرباح المضخمة شكل ارتفاع ملكية الولايات المتحدة الأمريكية أما الخسائر المضخمة فنحن التي نعاني حاليا منها. يتم التفكير في عملية تخفيض الرافعة المالية الجارية حيث أن بدايتها هي معاناة المؤسسات المالية غير القادرة على رفع رأس المال من استهلاك جد هام يجعلها تصل إلى حد الفشل.
6. إزاء ما قيل، ماذا عن البنوك الفرنسية؟. بالطبع، ليست البنوك الفرنسية محصنة ضد الأزمة إذ أن التعرض المباشر وغير المباشر يشمل في طياته أصولا سامة مما يجعلها هي الأخرى تسجل تخفيضات هامة أحيانا. يحدث نقص السيولة ضررا كما أن تقطعات السوق الممتدة قد رفعت من تكاليف إعادة التمويل، مما يعني أن بنوكنا قوية وذات سمعة ومازالت تبدي معدلات ملاءة أعلى من المتطلبات التعقلية الدنيا. وعموما، تظل مربحة. ليس هذا بالحد الأدنى لأنها تستفيد من مصادر عائد منظمة. إنها بنوك عالمية حيث أنها أقل عرضة للتأثر بشروط سوق الأموال. وتعتبر مصادر الربح الدائرة والقوية أصولا هامة على نقطة اتصال حالية. وفي هذا السياق، يمكن للبنوك الفرنسية أن تؤدي دورا فعالا في إعادة الهيكلة الحالية للقطاع المالي الدولي. ومع اعتبار كل الأمور، وتجاوزا أحيانا للتوترات والحوادث، تحصد البنوك الفرنسية الآن مكاسب من التقدمات الأساسية في الإنتاجية والابتكار الذين حققتهما خلال العقدين الأخيرين.
سياسة القطاع العام خلال الأزمة من منظور القطاعين العام والخاص
7. شهدت الأشهر الماضية تغييرا ملحوظا في سياسة القطاع العمومي حيث استعدت في المرحلة الأولى حصريا لتوفير السيولة إلى الوسائط المالية وينوي التدخل العمومي منذ آخر انخفاض أيضا دعم تمويل البنوك والأموال الخاصة، وهذا تغيير هام.
8. لا نحتاج إلى القول بأن استعادة السيولة يظل أولوية ملحة. بينت أسواق بين المصارف علامات تحسن تدريجية. ومع ذلك، مازلنا لم نصل إلى غايتا، ولبلوغها، حشدت البنوك المركزية ذخيرة معتبرة. وعرفت العملية التي نمضي فيها عبر العام أوجها في البنوك المركزية التي عدلت إطار العمل التشغيلي في مجالات عديدة. إن استحقاق أجل وعملة تسهيلاتها توسعت كما امتدت سلسلة الأطراف الأخرى المؤهلة. تغيرت إجراءات المناقصات بغرض ضمان قيم غير محددة من أموال البنك المركزي. إن قائمة الضمانات لإعادة التمويل قد توسعت، ووفقا للنظام الأوروبي فهذه البنوك توفر سيولة بسعر محدد مقابل مبلغ غير محدد. ويضمن التنسيق الدولي المعزز بين الهيئات النقدية بأن أعمالها جزء من الاستراتيجية العامة الثابتة. إن هذه الإجراءات الاستثنائية بصورة كبيرة من خلال تسهيل نقدي جديد فعلي تدفع بأسعار سياسة هامة تاريخيا إلى مستويات متدنية وتبني إجراءات سياسة نقدية تقليدية في بعض الحالات. إنهم يساهمون بذلك وبشكل كبير في استرجاع الثقة والتوظيف المستوي لأسواق الأموال.
9. تحركت الحكومات بحزم لدعم ملاءة ومرونة البنوك حيث أن تصريح باريس الذي وضعته بلدان أعضاء المنطقة الأوروبية وأوروبا تحت زعامة فرنسا إلى غاية نهاية السنة كان يعمل وفقا لما اعتبر خطة عمل قوية وصلبة. لن أدخل في التفاصيل وسأذكر العناصر التالية الثلاث، أما العنصر الأول، فإن الهيئات توسع الضمانات لإعادة تمويل البنوك لكي تستطيع بدورها أن تمول بشكل لائق الاقتصاد، وأما الثاني فتجري حاليا إصلاحات هامة على قواعد الحسابات وتسمح هذه الإصلاحات أساسا للبنوك بتحويل الوثائق التي دلت سابقا على الأسواق إلى محافظ أوراق مالية حيث لن تكون الحالة كذلك لفترة أطول. إن هذه الإصلاحات توفر مرونة أكبر في المناهج المستخدمة بالنسبة إلى قيمة الأصول التي جمدتها السوق، وأما العنصر الثالث والأخير فقد أكدت الحكومات إرادتها حين تكون مضمونة، في المضي قدما نحو دعم رؤوس أموال البنوك.
10. ماذا عن أعمال فرنسا؟ قامت الحكومة والبرلمان بتجسيد المبادئ الأوروبية، وتم تبني مشروع قرار جديد يزود بأمرين أولهما تخصيص أموال قدرها 320 بليون يورو لضمان إعادة تحويل البنوك متوسطة الأجل (أي التي تصل إلى 5 سنوات)، ويشرف على هذا الناقل النقدي الحكومة الفرنسية وبنك فرنسا. ويمنح هذا الضمان مقابل أتعاب حيث يستطيع المستفيدون دفع التكاليف الموافقة لظروف السوق العادية وبغرض حماية فوائد دافعي الضرائب أيضا. وثانيهما أن القانون قد أنشأ شركة تملكها الدولة ومدعومة بمبلغ 21 بليون يورو والتي تتمتع بحق الاكتتاب في إصدار قروض تابعة أو أسهم تفضيلية في البنوك. وكما تعلمون، قامت 6 بنوك بإصدار قروض تابعة وقامت الحكومة بالاكتتاب في هذه الإصدارات مقابل 10.5 بليون يورو. وقد رفع مثل ذلك الدعم مركز رأس المال ونتيجة لذلك، أمن لتلك البنوك حفاظها على منح القروض لتطوير الاقتصاد.
11. هل تحتاج البنوك الفرنسية فعلا إلى مثل ذلك الدفع لملاءتها ورأسمالها؟ وقوفا عند البنك البلجيكي الفرنسي وديكسيا، جوابنا هو "ليس بالفعل". كانت ديكسيا جد محددة: بسبب تعرضها الواسع إلى مخاطر الولايات المتحدة الأمريكية الأحادية الخط، كان تغيير رأس المال ضروريا بشكل مطلق. وبخلاف ذلك، تملك كل البنوك الفرنسية أموالا خاصة كافية سواء في نطاق المتطلبات التعقلية أو مقارنة بأندادها من البلدان المتطورة الأخرى. لا يهدف تغيير رأس المال إلى تصليح الأخطاء ونقاط الضعف بل بالأحرى إلى استباق المشاكل المحتملة. إن الظروف فعلا استثنائية وحتى البنوك الأكثر قوة وانتفاعا لا تستطيع أن تعتبر القدرة على ضرب الأسواق لتلبية حاجات رؤوس الأموال أمرا مقبولا. وطالما يتغلب هذا الشك وتستمر الأسواق في الفشل فإنه من الواجب على السلطات حماية نظام القروض وضمان تمويل الاقتصاد.
12. استراتيجيات القطاع الخاص للتغلب على الأزمة يغطي عدة جوانب
أولا، أود أن أنوه بمبادرة خلق مشروع تعويض مع طرف ثالث أساسي فيما يتعلق بتسهيلات عدم القدرة على الدفع. إن هذه المبادرة من القطاع الخاص تنال التشجيع القوي من السلطات نظرا لأهميتها في الاستقرار المالي. وفيما يخص المؤسسات نفسها، توجد اقتراحات كثيرة قيد المناقشة والتي تتعلق بنموذج تجارتها وحجم المخاطرة ومشاريع إدارة المخاطر والتوجيه وسياسة الاتصال والنشر.
13. في نطاق حجم المخاطرة، يناقش نموذجين أساسيين بقوة. وفي ظل النموذج الأول، كانت البنوك العالمية التي تستفيد من المصادر المتعددة للأرباح أكثر غنى خلال الأزمة. وخلافا لذلك، كانت مؤسسات مالية مختصة لاسيما تلك التي تورطت في نشاطات استثمارية تعاني من خسائر هامة. لقد سبق وأن أشرت إلى أمر البنوك الفرنسية. وبالمزاج نفسه، نشأت فائدة البنك الألماني عن بوست بنك بألمانيا من المنطق نفسه: من أجل تنويع مصادر التمويل والربح. أما النموذج الثاني قيد النظر فيركز على نشاطات تجارية أساسية مختارة لاسيما لتخفيض التنويع في الأسواق التي قد ثبت أن المعرفة الداخلية والقدرة فيها غير كافية فيما يتعلق بالمخاطر المتورط فيها. إن التحرك باتجاه هذا النموذج الأكثر تركيزا يساهم في عملية التخفيض من الرافعة، الشيء الذي تحتاجه بعمق كثير من المؤسسات. وحالة سيتيبنك الذي هو على حافة بيع سالومون سميث بارني يوضح وجهة النظر هذه.
14. أخذا بالاعتبار إدارة المخاطرة والتوجيه، ثمة حاجة إلى تحسينات أساسية وأعتقد بأنها جارية. أكيد بأن التنظيم يحتاج إلى تعديلات كما يقتضى وجهة نظر مالية كبرى من أجل تجنب خلل في الترتيب الزمني مثلا.
مع ذلك، تقع المسؤولية الأولى على المؤسسات المالية نفسها التي لم تطور تدقيقا كافيا في تحليل المخاطر حيث ركزت كثيرا على الأرباح قصيرة الأجل ولم تدمج تكاليف قسط المخاطر والسيولة وفي بعض الظروف، لم تفهم تماما العواقب المحتملة المالية لتصرفها.
وبالتالي، ثمة حاجة إلى تحسين قوي في نطاق إدارة المخاطرة والتوجيه على أعلى مستويات المؤسسات المالية.
15. في نطاق سياسة النشر والاتصال، بينت الأزمة أهمية الشفافية. وقد بذلت المؤسسات المالية جهودا كبيرة في هذا الصدد في الأشهر الأخيرة. وعليهم الاستمرار في ذلك. أما الحكومات فعليها أن تضبط التقدم بشأن هذا الأمر.
16. ستساعد تحسينات استراتيجية القطاعين العام والخاص على التغلب على الأزمة المالية. وخارج هذا الإطار، يوجد اتفاق متنام يدور حول الحاجة إلى مراجعة أساسية لأساسات التنظيم المالي. وأدخل قادة دول مجموعة 20 تغييرات بهذا الأمر كما وضعوا مبادئ لهذا الغرض. فضلا عن ذلك فقد أثارت الأزمة من جديد مسائل تتعلق ببنية الإشراف.
وكما تعلمون، وبتحفيز من الرئيس الفرنسي، ثمة جهود جبارة يتم بذلها بشأن ما تم تسميته بمصطلح "مخاطر برتون الجديدة". وبعيدا عن هذه الكلمات الغامضة، أعتقد تماما بأنه من المفيد النظر بقوة في التنظيم المالي الحالي. وكمساهمة في هذا النقاش، أود أن أضيف ملاحظتين نهائيتين. تتعلق إحداهما بتقلبات الأنظمة المالية أما الثانية فتخص مسائل الإشراف المالي الأخرى.
17. إن الأنظمة المالية التي تعمل في سياق اقتصاد السوق المتطورة هي في طبيعتها خاضعة إلى قوى دورية. بعضها تعتبر نتيجة الدورة التجارية، ونشاط الديون مثال واضح على ذلك بما أن طلب القروض يتأثر كثيرا بالنشاط الاقتصادي. وبعضها الآخر ناجم عن الأنظمة الاقتصادية في حد ذاتها. مثلا، مركز رأسمال المؤسسات المالية وبالتوازي مع أسعار الأصول لاسيما في عالم خال من العيوب حيث التقلبات تنتج عن الأرباح أو الخسائر في رؤوس الأموال.
18. إن التحدي بالنسبة للسلطات يتمثل في تقدير أي ومتى وإلى أي حد تعزز التنظيمات هذه الديناميكيات وتؤثر في النظام المالي برمته. وبهذه الأسئلة التي تدور في عقولنا، يتم العمل لفحص تأثير المعايير الحذرة. وكان على هذا الأساس أيضا أن تمت تعديلات الحسابات التي ذكرتها سابقا. إن الحاجة لتطوير سياسة "تعقلية كبرى" هي الآن قيد النقاش. إن المبدأ العام واضح المعالم: إذ يتمثل في ضمان بأن الإشراف يعمل على تحديد المخاطر ليس فقط بالنسبة إلى استقرار مؤسسة خاصة ولكن لاستقرار النظام المالي بأسره.إلا أن وضعه ليس بالأمر البسيط. وحاليا، نحن في المرحلة التمهيدية فقط حيث نتمعن في الأدوات التي يمكن أن تقوم عليها سياسة تعقلية كبرى وكيف لهذه الأدوات أن تستخدم.
19. وفيما يتعلق بالإشراف، بينت الأزمة منافع وجود مشرف مصرفي قريب من البنك المركزي. إن الأمر ليس الادعاء بوجود بنية إشرافية مثلى تناسب ظروف أي بلد. وبالأحرى، لا بد من التنويه بأن النظام مثل ذلك الموجود في فرنسا قد تبينت فائدته في السماح بالمعرفة العميقة للقطاع المصرفي والمؤسسات المالية المختلفة. ولقد سمح أيضا بتبادل معلومات حينية وسريعة ونتيجة لذلك، سمح لنا في البنك المركزي باتخاذ أحكام دقيقة بشكل سريع ليست أقل من نفعية إدخال السيولة.
20. ولأختم مداخلتي بالتأكيد على ما يبدو واضحا. إننا نمضي نحو أوقات تحد بل وفي بعض النواحي أوقات لم يسبق إلى مثلها. وفي هذا الصدد، يتعلق وضع السياسة أيضا ببناء الثقة والتربية المالية.
21. أشكركم جزيل الشكر سيداتي سادتي.
منقول للأمانة