قَدْ يَصِلُ الْمَرْءُ إِلَى مَرْحَلَةٍ، يَهْجُرُ فِيهَا أَحْلَامَهُ، يَتَرَحَّمُ عَلَى شَغَفِهِ، الَّذِي مَاتَ مُنْذُ زَمَنٍ، فَلَا يَجِدُ إِلَّا فَرَاغًا بَارِدًا. تَمْضِي الْأَيَّامُ، مُكَرَّرَةً ذَاتَهَا، كَأَنَّهَا صَفْحَةٌ تُطْوَى لِتَعُودَ فَتُفْتَحَ مِنْ جَدِيدٍ، بِلَا تَغْيِيرٍ، بِلَا مَعْنًى. يَسْأَلُ نَفْسَهُ بِصَوْتٍ مُتْعَبٍ: "لِمَ وَصَلْتُ إِلَى هَذِهِ الْحَالِ؟" يُدْرِكُ مَوَاطِنَ السُّقُوطِ، يَرَى بِوُضُوحٍ يَدَ النَّجَاةِ، لَكِنَّهُ وَاقِفٌ عَلَى حَافَّةِ الْعَدَمِ، لَا شَيْءَ حَوْلَهُ سِوَى ظِلِّهِ، وَأَفْكَارِهِ الَّتِي تَتَقَاذَفُهُ كَأَمْوَاجِ بَحْرٍ لَا شَاطِئَ لَهُ...