- الأوسمة
- 5
فـــوق الأغصـــان
الغصن فرحان، لأن العصفورين الأصفرين بنيا عشّهما فوقه. رقدت العصفورة على البيض بحنان وعصفورها يقف بجوارها، ينظر إليها، والابتسامة لاتفارق منقاره، يتذكّر كيف بنيا عشّهما قشّة قشّة وبطّناه بالريش الناعم، صحيح أن ريشهما قد بللّه العرق، لكنّه تعبٌ مثمر ولذيذ.
بعد أسبوعين، وفي صباح ربيعي جميل، نقر أحد الفراخ قشرة البيضة، ومطّ منقاره الليّن ثمّ بدأ يزقزق، كأنّه يطلب من الطبيعة، أن تفتح له ذراعيها.
غمرت السّعادة قلب الأبوين، فطارا إلى الحقول، ليزفّا نبأ السعادة.
تتالى فقس البيض، فصار العش يحتضن أربعة فراخ جميلة.
الفراخ تكبر، ويتبدّل زغبها الناعم، لينبت مكانه ريش جميل، كانت تنام تحت أجنحة بعضها تأكل ما يجلبه الأبوان، إلاّ واحداً منها، فقد كان لا يأكل إلاّ الدودة الكبيرة، ولا ينام إلاّ ممدداً، ناسياً أن العش قد ضاق لأن الفراخ كبرت، ومع كلّ هذا كان "يسقّطُ" في العش.
حكَتْ الفراخ الثلاثة لأمها، عن طباع أخيها السيّئة، فخاطبته قائلة:
- كن مهذّباً، واعلم أنّ الإساءة ترتدّ على صاحبها، وإلاّ فسأحرمك من الطعام مدة يوم.
انزعج الفرخ الرابع من كلام أمه، وازدادت طباعه سوءاً.
في اليوم التالي، قالت الأم لفراخها:
- أحبّائي، حرّكوا أجنحتكم داخل العش، لتقوى وتساعدكم على الطيران. حرّك الفراخ الثلاثة أجنحتهم، سخر الرابع من إخوته وقال:
- ستتعب أجنحتكم، ولن تقدروا على الطيران أمّا أنا، فجسمي مرتاح لذلك سأكون أقوى منكم!!
الفراخ الثلاثة تطير من غصن إلى غصن تلعب مع الفراشات، تزقزق وتضحك غار الفرخ الرابع من إخوته، نطّ يريد مشاركتها اللعب، فوقع على الأرض وجرح رأسه.
هرع أبواه وإخوته إليه، احتضنوه، وطاروا به إلى العش.
ضمدّت الأم رأس صغيرها، فلم يعد بإمكانه أن يرى شيئاً!؟.
في اليوم التالي، كان الأبوان والإخوة الثلاثة يبتسمون، لأنّ الفرخ الرابع، كان يحرّك جناحيه وحيداً داخل العش.