قصة حول الوفاء

الافق الجميل

تاج المنتدى
الإدارة
إنضم
15 سبتمبر 2010
المشاركات
45,367
العمر
39
الإقامة
تلمسان
هواياتك
كرة القدم، الشطرنج، كتابة الخواطر، المطالعة
وظيفتك
موظف بقطاع التجارة
شعارك
كن جميلا ترى الوجود جميلا
الــــــــــوفـــــــاء
كان للملك النعمان بن المنذر، ملك الحيرة في العراق، يومان من كل سنة: يومنعيم يرتدي فيه ثيابا زاهية ويبالغ في إكرام أول من يقدم عليه، ويوم بؤسيرتدي فيه ثياباً سوداً ويأمر بقتل أول من يأتيه زائرا أو طالب حاجة.وذات يوم جاء رجل بدوي قطع مسافة طويلة للوصول إلى الحيرة وطلب مقابلةالملك.
عرف النعمان الرجل. فهو حنظلة الطائي الذي أضافه يوم ضلّ الطريق في الصحراءهو ورفيقه، وهو لا يعرف من يكونان ووعده النعمان بالمعونة.أصر الملك على قتل الطائي لأنه جاء في يوم البؤس.
فقال البدوي: أنا رهن إرادتك أيها الملك. لكن لي عيالا تنتظرني فاسمح ليبالعودة إليهم لأوصي بهم وأودعهم قبل موتي وأعدك بالرجوع في مثل هذا اليوممن الأسبوع المقبل.فقال النعمان: أسمح لك ولكن أريد أن يكفلك شخص ويرضى بالموت مكانك إذاتخلّفت عن الحضور.نظر حنظلة في وجوه الحاضرين واستقرت عيناه المتوسلتان على عيني "شريك" رفيقالملك يوم أضافهما وكرّمهما.وبعد لحظة قال رفيق الملك "شريك": أنا أكفل رجوعه أيها الملك....أخذ الحراس الوزير رهينة....وفي اليوم السابع تدفقت الجموع إلى ساحة الموت. وقبل الغروب وصل النعمانوحاشيته، وبدا القلق على وجوه الجميع.... هل سيعود حنظلة في الوقت المحدّد؟هل يقتل الملك رفيقه شريكا؟
نظر الملك إلى الشمس.... ها قد اختفى نصفها الأسفل ولم يبق منها سوى قوسأحمر صغير....
رفع الملك يده، فاستلّ الجلاّد سيفه واستعدّ... انحبست الأنفاس، وجفتالحناجر، وتنقلت نظرات الجماهير بين المغيب ويد الملك وسيف الجلاّد .... ورأوا غباراً من جهة الشرق، وإذا بجواد يعدو كالبرق ويقف فجأة بين الجموع. فترجّل صاحبه صارخا:.. ها أنا حنظلة قد عدت، أطلقوا "شريكا".
انفرجت أسارير الملك، وسأل "شريكا": لمَ جازفت بحياتك؟
أجاب شريك: لقد عزّ عليّ أيها الملك أن يشاع بأن الوفاء والمروءة قد فقدامن مملكة النعمان.
والتفت النعمان إلى الطائي وسأله: بربك قل لي: ما الذي حملك على الرجوع؟
فأجاب حنظلة: أخلاق عربية ترفض الغدر، ووفاء نبيل أقوى من الموت.
عندها قال الملك: يا قوم..... يا قوم.... لقد كان الطائي نموذجا في الوفاء، كما كان وزيري "شريك" مثالا في المروءة. وإن أخلاقاً عربية كهذه لن أبخلعلى أصحابها بالعفو. لقد عفوت عنك يا حنظلة، ولن أردّك إلى عيالك خائبا. أما أنت يا "شريك"، فهنيئا لمملكة أنت وزيرها.....
غابت شمس ذلك اليوم، وغاب معها يوم بؤس النعمان إلى الأبد.
 
أعلى أسفل