- الأوسمة
- 5
[h=1]عصـــــــفــــــوري[/h]ذات مرةً حاولت أن أمسك عصفوراً حيّاً؛ لجأت إلى الحيلة كما يفعل كل الأولاد، جهّزتُ حفرةً تسع عصفوراً كبيراً، وأحضرت قطعةً من الصّخر على شكل رقاقة، ثمّ أسندتها بالعيدان بشكل مناسب، ولم أنسَ أنْ أثبّت دودةً حيّةً من ديدان الأرض، ثم مكثت، دون حراك، بعيداً عن الحفرة؛ أراقب العصافير تروحُ وتجيءُ، تحطّ هنا، تنطُّ هناك باحثةً عن طعامها وطعام أولادها! ولم أطلِ المكوث، لأنّ عصفوراً جائعاً، كان قد شاهد دودة الأرض تتحركُ داخل الحفرة، فانقضَّ على الدّودة، ولم يدرِ أنّه وقع في الفخّ! إذ أطبقت عليه رقاقة الصّخر وحبسته في الحفرة! تسارعت دقّات قلبي حين شاهدتُ العصفور يقع في المصيدة التي رتّبتها له، وأسرعت إليه، لم أكنْ فرحاً.. بل كنتُ مضطرباً، خائفاً! لا أعرف لماذا…؟تخيلت نفسي عصفوراً وقع في مصيدةٍ، ولا يستطيع الخروج منها! سمعتُ ضرباتِ جناحي العصفور داخلَ الحفرة، كانت يداي ترتجفان حين بدأتُ عملية القبض على العصفور، بذلتُ جهداً حتّى لا يفلت منّي؛ كنت أريد أن يرى رفاقي العصفور في يدي، لأثبت لهم أنني صياد ماهر مثل أيّ واحد منهم! حفرت حفرة صغيرة جانب الحفرة الكبيرة، وأدخلت يدي، بل تسللت أصابع كفّي الصغيرة بخوف كبير؛ وكأنني سأقبض على جمرات من نار! هاهي أصابعي تلامس الرّيش النّاعم، بدأ العصفور يدور؛ يهرب من أصابعي، وهي تلاحقه.. حتّى أمسكت به.. لم يستسلم العصفور! كان ينتفض بقوّة، فأحطته بكلتا يدي وصرخت بصوت عالٍ: "عصفور.. عصفور.. لقد اصطدت عصفوراً.." لم يسمعني أحد. بدأت أدور في مكاني والعصفور يتخبّط بين يدي المحكمتين عليه، كانت العصافير الأخرى تطير من شجرة إلى أخرى تقفز فوق الأرض؛ تفتش عن غذائها.. حينها شعرتُ أنني فعلتُ شيئاً بشعاً، فارتجفتْ يداي بشدّة، وارتختْ أصابعي، ورأيت عصفوري يمضي كسهم في الفضاء!
مازلت أذكر ذلك كلّما رأيت عصفوراً فأهمس هذا هو عصفوري.